الأخوة الأعداء وحتمًا لابد من لقاء
الكاتب: سامح سعد
كثير من القراء يعلمون أن هناك مشكلة بين الصين وتايوان، ولكن لا يعلمون لماذا. لذلك أردت أن أشرح للقارئ وأوضح هذه المشكلة.
تعد مشكلة الصين وتايوان من أكثر المشاكل المعقدة، وتعود إلى عام 1945 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة اليابان.
فقد بدأت حرب أهلية في الصين بقيادة حزبين: الحزب القومي والحزب الشيوعي. وفي عام 1949 انتصر الحزب الشيوعي وسيطر على الحكم، وأعلنوا قيام جمهورية الصين الشعبية، وهرب القوميون وأنصارهم بالآلاف إلى جزيرة تايوان الصينية.
وأنشأوا هناك جمهورية صينية أخرى معتبرين أنهم الحكومة الشرعية. ومنذ تلك اللحظة نشأت دولتان: جمهورية الصين الشعبية والأخرى تايوان.
المشكلة الحقيقية في سياسة “الصين الواحدة” التي تتبناها الصين الشعبية، وتنص على أن هناك صين واحدة في العالم، وأن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين الشعبية. وتعتبر الصين أن تايوان مقاطعة منشقة عنها ويجب إعادتها حتى لو بالقوة. وكان هذا إعلانًا رسميًا من الصين الشعبية أنها ستستخدم القوة في إعادة تايوان إذا لزم الأمر، وبخاصة إذا أعلنت تايوان استقلالها رسميًا.
أما موقف تايوان، فهو أنها دولة مستقلة ذات سيادة، ولها حكومتها المنتخبة ديمقراطيًا، ولها دستورها الخاص وقواتها المسلحة الخاصة بها. ورغم ذلك، فإن موقفها الرسمي يختلف باختلاف الأحزاب الحاكمة.
وهناك أسباب للتوتر كما نرى بين الحين والآخر.
ولتايوان أهمية كبرى لأنها تعتبر من سلسلة الجزر الأولى التي تراها الصين الشعبية لازمة لأمنها القومي. وليكن معلومًا للجميع، إذا سيطرت الصين الشعبية على تايوان، فسوف تهيمن على المحيط الهادئ وستحد من النفوذ الأمريكي في المنطقة.
وتعتبر تايوان لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد العالمي، لأنها تسيطر على صناعة أشباه الموصلات المتقدمة. ولو انضمت تايوان إلى الصين ستمنح الصين نفوذًا كبيرًا على العالم.
وتتمتع تايوان بدعم دبلوماسي وعسكري من أمريكا وحلفائها، كما تبيع أمريكا الأسلحة المتقدمة إلى تايوان. وتكرر أمريكا إظهار موقفها للصين بأنها قد تتدخل عسكريًا إذا حاولت الصين استعادة تايوان بالقوة، وهذا عامل رئيسي يمنع الصين من اللجوء إلى القوة.
أما ما يحدث من الصين في الوقت الحالي، فهو عمل مناورات عسكرية حول تايوان، حيث تمرر الصين طائراتها العسكرية وسفنها الحربية بالقرب من تايوان بشكل متكرر.
وتستخدم الصين أيضًا الضغط الاقتصادي، والحروب السيبرانية، وحملات إعلامية للتأثير على الشعب التايواني. وتضغط أيضًا دبلوماسيًا عن طريق إجبار الدول على قطع علاقاتها مع تايوان لعزلها عن العالم.
وفي تايوان أيضًا هناك انقسام في الأحزاب: أحزاب تدعو إلى الحفاظ على الوضع الراهن، وأخرى تميل إلى الاستقلال الرسمي. وهذا الانقسام يجعل التعامل مع الصين أكثر تعقيدًا.
باختصار، مشكلة تايوان والصين هي نزاع حول السيادة والهوية والهيمنة. ورغم عدم وجود صراع عسكري مباشر، إلا أن التوتر مستمر ويتصاعد بين الحين والآخر. وذلك لأهمية تايوان الاقتصادية، مما يجعلها في قلب التنافس بين الصين وأمريكا.
وأتمنى أن أكون قد أوضحت للقارئ جزءًا من مشكلة الصين وتايوان، وما زلنا حتى الآن في قلب الحدث.
وكما اعتاد القارئ مني أن أنهي مقالي بمقولة تصف الحالة التي أتكلم عنها:
فريقان في قارب واحد يجدفان في اتجاهين متعاكسين… وللحديث بقية.
