cropped-New-Logo.png

برنامج حافل لولي العهد السعودي في فرنسا

بقلم : جهاد امام

يارته تحظى باهتمام رسمي وسياسي وتغطية إعلامية واسعة

كثيرة ومتشعبة الملفات التي من المرتقب أن يتم التباحث بشأنها بين الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال الزيارة الرسمية التي يقوم بها ولي العهد إلى فرنسا التي وصلها الأربعاء. وأفادت الرئاسة الفرنسية في بيان بأن الأمير محمد بن سلمان سيصل إلى قصر الإليزيه في الأولى والربع من بعد ظهر الجمعة، حيث سيكون الرئيس الفرنسي في استقباله. ودرجت العادة أن ينتظر ماكرون ضيفه الرسمي على باب القصر فيما تؤدي التحية له ثلة من الحرس الجمهوري. ويرافق ولي العهد وفد وزاري كبير ستكون لأطرافه اجتماعات مع نظرائهم الفرنسيين.

وبينما تحظى زيارة ولي العهد إلى باريس باهتمام رسمي وسياسي وتغطية إعلامية واسعة، أشار البيان الرئاسي إلى أن مباحثات الطرفين سوف تتم في إطار مأدبة غداء، وتناقش الملفات التي سيتم تناولها وعلى رأسها العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين.

ويأتي ذلك في سياق «الشراكة الاستراتيجية» القديمة والمتجددة التي تربط الطرفين، وتم التأكيد عليها في اللقاءات المختلفة التي جمعت الرئيس الفرنسي وولي العهد. وجاء أوسع عرض وتفصيل لطموحات البلدين في هذا السياق في البيان المشترك الذي صدر بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس ماكرون للمملكة في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021. وأوضح البيان مجالات التعاون المختلفة (الاقتصادية، الاستثمارية، القطاعية، الصحية، البيئية، التعليمية، الأمنية، الدفاعية)، فضلاً عن الملفات الإقليمية والدولية وعزم الطرفين على العمل المشترك بشأنها. وفي القطاع الأخير، عبر الطرفان عن «أهمية التقييم المتواصل للتهديدات التي تتناول مصالح البدين والاستقرار الإقليمي وارتياحهما للشراكة التاريخية القائمة بين المملكة وفرنسا في القطاع الدفاعي وعزمهما على تعزيز الحوار والتلاقي الاستراتيجي».

ملفات اللقاء

وسوف يحتل التباحث في المسائل والتحديات الإقليمية والدولية ومنها التطورات الإيجابية التي تشهدها المنطقة حيزا واسعا من اللقاء. وأفاد بيان الإليزيه بأن المحادثات ستتناول «تحديات الاستقرار الإقليمي وأيضاً المسائل الإقليمية الكبرى ومنها تحديداً النتائج المترتبة عليها بالنسبة لباقي العالم».

وفيما بقي البيان الرئاسي في إطار العموميات من غير الدخول في تفاصيل الملفات التي ستتم مناقشتها، أفادت مصادر رسمية بأن المسؤولين الكبيرين سيتناولان أمن الخليج ومحاربة الإرهاب والتطورات التي لحقت بالملف النووي الإيراني والحرب في اليمن والفراغ الرئاسي المتواصل في لبنان منذ أكثر من ثمانية أشهر، إضافة إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية وغيرها من المسائل.

وسبق لفرنسا أن رحبت بالاتفاق السعودي – الإيراني بإعادة العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتي البلدين في الرياض وطهران. وتوقعت هذه المصادر أن يطلع الرئيس ماكرون ولي العهد على محتوى الاتصال الهاتفي الذي زاد على الساعة يوم السبت الماضي مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ومما تناوله، ملف إيران النووي.

بينما تتردد أنباء عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان خلال أيام إلى طهران، التي تبين أن الطرفين السعودي والإيراني عازمان على السير بمضمون اتفاق بكين الذي تم التوصل إليه برعاية صينية في مارس (آذار) الماضي، أكدت المصادر الفرنسية أن الأمر الثابت بين البلدين وجود رغبة سعودية – فرنسية بتعزيز التعاون والتنسيق من أجل تحقيق الاستقرار ومواجهة سياسات التدخل في الشؤون الداخلية الإقليمية.

وبرز ذلك في البيانات المشتركة الصادرة عن الطرفين وشملها البيان المشار إليه سابقا، فضلا عن التزامهما بتواصل محاربة الإرهاب المتمثل راهنا بتنظيم «داعش». وقد شاركت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في الاجتماع الأخير الذي استضافته الرياض يوم السبت الماضي والذي خصص لهذا الملف وقد شارك فيه وزير الخارجية الأميركي ووزراء خارجية الدول الخليجية ووزراء آخرون.

ثمة ملف يهم الطرفين السعودي والفرنسي، وعنوانه العمل من أجل مساعدة اللبنانيين على وضع حد للفراغ الرئاسي. ومنذ الخريف الماضي، لم تتوقف المشاورات بين الطرفين اللذين يعملان ثنائيا، ولكن أيضا في إطار اللجنة الخماسية التي تضم، إليهما، الولايات المتحدة ومصر وقطر. ومؤخرا، عمد الرئيس ماكرون إلى تسمية ممثل خاص له هو وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان لتعزيز الجهود التي تبذلها «خلية الإليزيه» الدبلوماسية ووزارة الخارجية و«التواصل مع كل الأطراف القادرة على المساهمة، في لبنان والخارج، على الخروج من الطريق المسدودة».

وطلب ماكرون أن يتوجه لودريان سريعا إلى لبنان وأن يقدم له «مقترحات» للتحرك، علما بأن الجهود الفرنسية التي قامت أساسا على الترويج لتسوية تقوم على انتخاب النائب والوزير السابق سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، مقابل تعيين نواف سلام رئيسا «إصلاحيا» للوزراء، لقيت معارضة قوية من أحزاب «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب» وآخرين.

ولم تسفر آخر جلسة نيابية عن انتخاب رئيس جديد فيما يبدو الوضع داخليا بالغ التعقيد. وتعد باريس أن الرياض قادرة على التأثير على مجريات الأمور بما في ذلك على إيران بفضل العلاقات المستجدة بين الطرفين. وقال وزير سابق لـ«الشرق الأوسط» يعرف تعقيدات الملف اللبناني جيدا إن انتخاب الرئيس العتيد «لن يحصل قبل التوصل إلى توافق إقليمي – دولي» علما بأن باريس والرياض تنفيان رسميا أن يكون لأي منهما مرشح معين.

* ملفات العالم

أما على المستوى الدولي، فثمة ملفان رئيسيان سيطرحان للتداول: الأول، الحرب في أوكرانيا، والثاني القمة التي ستستضيفها باريس يومي 22 و23 يونيو (حزيران) الحالي. وفي الملف الأوكراني، لعب الرئيس ماكرون دورا في تشجيع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على قبول دعوة السعودية، بصفتها رئيسة القمة العربية الشهر الماضي في جدة، للتحدث إلى القادة العرب. وقد وضع ماكرون تحت تصرفه طائرة رسمية فرنسية نقلته إلى السعودية ومنها إلى اليابان، حيث عقدت قمة مجموعة السبع. وما زال ماكرون يسعى لحث الدول التي التزمت حتى اليوم بموقف حيادي على التخلي عنه لصالح الوقوف مع الشرعية الدولية أي إلى جانب أوكرانيا. وفي اجتماعهما السابق، توافق الطرفان على الحد من التأثيرات السلبية للحرب في أوكرانيا، إن على صعيد ارتفاع أسعار الطاقة أو الأمن الغذائي.

* قمة باريس

تشكل القمة التي دعا إليها ماكرون تحت عنوان «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد» التي تستضيفها العاصمة الفرنسية الملف الدولي الآخر المطروح للتداول بالتحضيرات والتوقعات التي يراها كل طرف. ويرأس الأمير محمد بن سلمان وفد المملكة الرسمي. والغرض من القمة، كما تشرحه مصادر الإليزيه: «تعبئة الموارد المالية العامة والخاصة إلى حيث تدعو الحاجة إن لمحاربة الفقر في المناطق الأكثر معاناة أو لحماية التنوع البيولوجي ومحاربة التحولات المناخية وتحقيق النقلة البيئوية». وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس تنظر إلى الرياض باعتبارها لاعبا رئيسيا ليس فقط بسبب قدراتها التمويلية ولكن أيضا بفضل السياسات البيئوية التي تتبعها، كما يبرز ذلك في مشروعاتها الإنشائية والعمرانية الكبرى وسعيها نحو الاقتصاد الأخضر عديم الكربون.

* إكسبو 2030

ليس سرا أن المملكة السعودية تسعى لاستضافة المعرض الدولي «إكسبو 2030» الذي يتزامن مع استكمال «رؤية 2030» التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان. وفي هذا السياق، فإنه سيشارك، وفق بيان الديوان الملكي السعودي الصادر الأربعاء، في حفل الاستقبال الرسمي الذي تقيمه المملكة مساء يوم 19 الحالي في القصر الكبير المؤقت، ويتوقع أن يحضره عدد كبير من المدعوين الرسميين من كل البلدان، باعتبار أن «المكتب الدولي للمعارض» سيجتمع ليومين في العاصمة الفرنسية وبهذه المناسبة ستقدم المملكة السعودية ترشيحها رسميا لاستضافته في عام 2030. وتسعى الرياض لحشد أكبر دعم دولي لترشحها الذي سيبدأ في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويعكس حضور ولي العهد شخصيا الأهمية التي توليها القيادة السعودية لهذا الحدث.

Please enable JavaScript in your browser to complete this form.
العنوان
هل سترسل مقالاتك من داخل مصر ام من خارجها ؟
هل لديك خبرات سابقة فى مجال الصحافة ؟