cropped-New-Logo.png

ارتفاع سطح البحر خطر متزايد.. دراسة حديثة تكشف عن مفاجأة

بقلم:جهاد امام

ارتفاع مستوى سطح البحر أحد أكثر المخاطر الناجمة عن تغير المناخ، حيث يهدد باختفاء آلاف الجزر، وغرق مساحات واسعة من المناطق الساحلية.

وبينما تحذر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، التابعة للأمم المتحدة، من أنه إذا ما استمرت معدلات الانبعاثات الكربونية الحالية، فإن مستوى سطح البحر سيرتفع بمقدار يصل إلى 98 سنتيمتراً بحلول عام 2100، وتثير هيئات دولية مخاوف من أن ذوبان الجليد في القطبين قد يؤدي إلى تسريع ارتفاع سطح البحر.

وأرجعت العديد من الدراسات السابقة السبب الرئيسي في ارتفاع مستوى سطح البحر، إلى فقدان أجزاء واسعة من الغطاء الجليدي، نتيجة الارتفاع المتسارع في درجات الحرارة، مما أدى إلى حدوث تغييرات في شكل المحيطات، كما لفتت معظم هذه الدراسات إلى أن الارتفاع في مستوى سطح البحر، ربما وصل إلى 3 أمتار في كل 100 سنة.

إلا أن دراسة حديثة، أجراها فريق من الباحثين في جامعة كولومبيا، بالولايات المتحدة الأمريكية، كشفت أن ذوبان الصفيحة الجليدية بالقطب الجنوبي كان لها الدور الأكبر في ارتفاع مستوى سطح البحر، استناداً إلى تحليل بيانات تاريخية لآخر فترة «مناخ معتدل» في قطبي الأرض، بين عصرين جليديين، والتي تمتد بين 129 و116 ألف سنة.

تتميز تلك الفترة، التي استمرت لآلاف السنين، بأنها كانت أكثر دفئاً، ولا توجد أي مظاهر للجليد في قطبي الأرض، كما كان سطح البحر أعلى من المستوى الحالي بمقدار يصل إلى 10 أمتار، حيث كانت المياه تغطي معظم اليابسة، مما ساعد الباحثون على تقييم مدى التأثير الذي يمكن أن يحدثه الإنسان في مناخ الأرض.

ورغم الجدل المستمر بين العلماء حول مقدار التغير في الصفائح الجليدية بالقطب الجنوبي، وتوقيت حدوث تلك التغيرات، تشير التقديرات، التي توصل إليها الباحثون باستخدام نماذج المحاكاة، إلى أن ذوبان الجليد في القارة الجنوبية وحدها، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بأكثر من متر قبل نهاية القرن الحالي، وبمقدار 13 متراً إضافياً بحلول عام 2500.

الدكتورة جاكلين أوسترمان، الباحثة في مرصد لامونت دورتي، التابعة لكلية كولومبيا للمناخ في نيويورك، أكدت أن درجات الحرارة في القطبين، خلال العصر الجليدي الأخير (Last Interglacial) كانت أعلى مما هي عليه اليوم، مما يجعل تلك الفترة الزمنية، مرجعية مهمة لفهم كيفية استجابة الصفائح الجليدية للتغيرات المناخية بشكل أفضل.

تظهر النتائج التي توصل إليها فريق الدراسة، من خلال تحليل بيانات عن مستوى سطح البحر في كل من بريطانيا وفرنسا والدنمارك، أن مساهمة القطب الجنوبي في ارتفاع سطح البحر على مستوى العالم، بلغت ذروتها في وقت مبكر من العصر الجليدي، قبل حوالي 126 ألف سنة، بمقدار 8.7 أمتار، وبنسبة 68%، من إجمالي الارتفاع في سطح البحر خلال تلك الفترة.

وقالت أوسترمان، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن النتائج تدعم نظرية التاريخ غير المتزامن لذوبان الجليد في فترة الاعتدال المناخي بين العصرين الجليديين، حيث تسبب ارتفاع حرارة المحيط الجنوبي، مع بداية تلك الفترة، في فقدان الجليد بالقطب الجنوبي، بينما أدى ارتفاع الحرارة في القطب الشمالي، إلى فقدان الصفيحة الجليدية لجزيرة غرينلاند، في أوقات لاحقة.

وأشارت دراسة أخرى، نُشرت نتائجها في دورية “نيتشر” (Nature)، إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد أكثر من 15 مليون شخص حول العالم، بالتعرض لمخاطر الفيضانات، نتيجة ذوبان البحيرات الجليدية في المناطق التي يعيش فيها السكان في جبال آسيا المرتفعة، خاصةً في الهند والصين وباكستان، وكذلك في جبال الأنديز في كل من بيرو وبوليفيا.

عمل فريق الدراسة، من جامعة “كانتربري” في نيوزيلندا، على دراسة المئات من أحواض البحيرات الجليدية في أنحاء العالم، وعدد الأشخاص المعرضين لمخاطر الفيضانات، الناجمة عن ذوبان الجليد في تلك البحيرات، خاصةً في المناطق الجبلية، وتقييم قدرة المجتمعات المحلية على الاستجابة والصمود أمام تلك التهديدات المحتملة.

وبحسب موقع (earth.org)، فإن جزر المالديف، الواقعة في شرق المحيط الهندي، والمكونة من حوالي 1200 جزيرة، ويبلغ عدد سكانها نحو 540 ألف نسمة، تُعتبر الدولة الأكثر تسطحاً على وجه الأرض، بمتوسط ارتفاع 3 أقدام، أي متر واحد، أعلى من سطح البحر، وفي حالة ارتفاع مستوى المياه بمقدار 1.5 قدم، تفقد الدولة الآسيوية 77% من مساحتها بحلول عام 2100.

كما تُعد مدينة جاكرتا، التي يقطنها أكثر من 10 ملايين نسمة، أحد أبرز الأمثلة على مدى خطورة التهديدات الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر، واعتبر تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) العاصمة الإندونيسية بأنها “أسرع مدينة غارقة في العالم”، حيث تغرق بمقدار يتراوح بين 5 و10 سنتيمترات سنوياً، نتيجة الصرف المفرط للمياه الجوفية.

ووفق دراسة سابقة للبنك الدولي، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 50 سنتيمتراً، قد يؤدي إلى غرق مدينة الإسكندرية، ومساحات واسعة من دلتا نهر النيل والمناطق الساحلية في شمال مصر، مما يهدد بتشريد أكثر من 10% من السكان، ويمتد التهديد إلى المناطق الساحلية في عدد من الدول العربية الأخرى في جنوب البحر المتوسط.

Please enable JavaScript in your browser to complete this form.
العنوان
هل سترسل مقالاتك من داخل مصر ام من خارجها ؟
هل لديك خبرات سابقة فى مجال الصحافة ؟