cropped-New-Logo.png

هل هذا الكلام صحيح؟

بقلم: د .بسمة أبو الفتوح

لطالما نصحتنا أمهاتنا أن لا نخبر أحدا بأهدافنا وأن نفشي أسرارنا خوفا من العين و الحسد وما إلى ذلك…هل هذا الكلام صحيح؟؟ هذا ما سنناقشه في هذا الموضوع من جانب علمي!
هل تريد أن تكمل دراستك في بلاد أخرى؟ جيد لا تخبر أحدا بذلك.
هل وعدك رئيسك في العمل بترقية مترقبة؟ جيد لا تخبر أحدا بذلك.
هل ستهاجر إلى مكان آخر عما قريب؟ جيد لا تخبر أحدا بذلك.
هل تريد أن تعرف لماذا؟ حسنا، ركز معنا، تخيل هذا السيناريو: أخبرت صديقا لك بأنك تريد السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراستك، فهنأك صديقك وأخبرك أنك محظوظ جدا، لتتملكك بعد ذلك سعادة غامرة وتحس أنك أصبحت أقرب لهدفك، لا بل أنت متيقن أنك ستدرس هناك، الشيء الذي لا تعرفه هو أنك للتو قتلت هدفك بنفسك، لأن تلك النشوة والشعور الجيد الذي أحسست به قد قلل من حظوظ تحقيق هدفك.
أثبتت التجارب السيكولوجية المتكررة أن إخبار أحد ما بهدفك يقلص من إمكانية تحقيقك له، فالبديهي أنه يجب عليك أن تعمل بشكل جدي وشاق وأن تمر بمجوعة من العقبات كي تحقق حلمك، وبالتالي عندما تنجح في ذلك ستشعر بالرضا عن نفسك، لأنك تعرف كم استحققته وكم جاهدت من أجله. لكن عندما تعلن لشخص ما هدفك ويعترف به، فأنت تحرق مجموعة من المراحل المنطقية، العلماء أطلقوا على هذا اسم “الواقع الاجتماعي”، حيث يُخْدَعُ عقلك بشعور “أنه تم الوصول إلى الهدف” فتصبح راضيا عن نفسك، و بالتالي تصير أقل تحفيزا للقيام بالعمل الضروري للوصول إلى هدفك.
في سنة 1926 قام “كورت ليفين” مؤسس علم النفس الاجتماعي بإطلاق اسم “الاستعاضة” على هذه الخدعة التي يقع ضحيتها عقلنا، أما سنة 1933 فقد وجدت “ويرا ماهلر” أنه عندما يكون هدفك معلوما عند الآخرين فان الشعور بالرضا يترسخ بالفعل في العقل، ليقوم بعد ذلك ” بيتير غلوتزر”، سنة 1982 بتأليف كتاب حول هذا الموضوع، الشيء الذي سيدفعه سنة 2009 إلى القيام ببعض التجارب التي نشرها لاحقا والتي كانت كالآتي: شارك 163 شخص في أربع تجارب مختلفة، حيث طلب من كل واحد منهم أن يدون هدفه الشخصي، بعد ذلك قام نصف المشاركون بإعلان التزامهم علنا بتحقيق الهدف بينما النصف الآخر فلم يفعل، ثم تم إعطاء كل شخص 45 دقيقة من العمل الذي من شأنه أن يساعده بشكل مباشر للوصول لهدفه، مع اخباره بامكانية الوقوف متى أراد، والنتيجة: الأشخاص الذين لزموا الصمت حيال أهدافهم اشتغلوا في المتوسط طيلة ال45 دقيقة وعندما تم سؤالهم بعد ذلك قالوا أنهم مازالوا يشعرون بأن طريقهم طويل وينتظرهم المزيد للوصول لأهدافهم، بينما النصف الآخر فقد توقف بعد مرور متوسط 33 دقيقة وبعد سؤالهم أكدوا أنهم قريبون من تحقيق هدفهم.

إذن، ما هو الحل؟ حاول أن تقاوم إغراء إعلان هدفك أمام الملأ، لتأجيل حالة الشعور بالرضا التي يسببها الاعتراف، واعلم أن عقلك يخطئ في التفريق بين القول والفعل، لكن إن لم تستطع مقاومة الإغراء، فتحدث عن الهدف بطريقة لن تمحنك شعورا بالرضا، كأن تقول مثلا: “يجب أن أدرس الإنجليزية خمس مرات في الأسبوع لكي أستطيع اكمال دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية”.

Please enable JavaScript in your browser to complete this form.
العنوان
هل سترسل مقالاتك من داخل مصر ام من خارجها ؟
هل لديك خبرات سابقة فى مجال الصحافة ؟